يعتبر اليورو هو العملة الرسمية لأكثر من 340 مليون شخص متوزعين على 19 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، والتي قريبا سوف تصبح 20 دولة بعد أن وافق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي ونهائي على طلب كرواتيا بالانضمام للاتحاد، وهذا القرار سوف يدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني من العام 2023 .
غير أن العملة الأوروبية الموحدة اليورو تشهد هذه الفترة هبوطا قياسيا وتراجعا كبيرا مقابل الدولار الأمريكي لم تعرفه منذ 20 عاما، الشئ الذي خلف انعكاسات خطيرة وارتدادات كثيرة على الاقتصاد الأوروبي وعلى التضخم وكذا على القدرة الشرائية للمواطن الأوربي ٫ فقد تراجع سعر صرف عملة اليورو بنسبة تفوق 0.7% في وقت تعزز فيه سعر الدولار.
فقد وصل سعر صرف اليورو في يوليوز 2022 إلى ما دون مستوى دولار واحد (0.9998 دولارا) في -فترة وجيزة- وذلك للمرة الأولى منذ عام 2002.
فما هي إذن الأسباب الرئيسية وراء تراجع اليورو؟
الاسباب متعددة وقد تداخلت فيما بينهما٫ ابتداء من تداعيات مخلفات وباء كورونا وصولا للحرب الروسية الاكرانية وما خلفته من ارتفاع في سعر الطاقة٫ ويمكن تلخيص أسباب تراجع سعر صرف اليورو٫ في التالي :
- -ـ الحرب الروسية الأوكرانية
يؤكد العديد من الخبراء والمراقبين، أن الحرب الروسية الأوكرانية لعبت دورا رئيسيا في هذا التراجع الكبير لليورو، حيث أنها سببت ارتفاعا حادا في أسعار المواد الطاقية بما فيها المحروقات، خاصة وأن المنطقة الأوربية بالأساس كانت تعرف من قبل ذلك انكماشا اقتصاديا كبيرا، وأيضا ارتفاعا في نسبة التضخم وصلت إلى أكثر من 5% مع بداية العام 2022، وذلك بسبب تداعيات وباء كورونا٫ التي ضربت كل القطاعات الحيوية للاتحاد.
ـ ركود الاقتصاد الأوروبي
أكد العديد من المحللين والخبراء الاقتصاديين إلى أن تراجع سعر صرف عملة اليورومقابل الدولار٫ ليس ناتجا بالدرجة الأولى عن الحرب الروسية الأكرانية أو ضعف في منطقة اليورو، وإنما عن قوة الدولار وصموده أمام الأزمات وأيضا تزايد الطلب عليه في الأسواق العالمية، وهذا ما يفسر قوته أمام الأزمات العالمية .
والسبب في ذلك يوضح بعض الخبراء الاقتصاديين، هو أن أسعار الطاقة في السوق العالمية هي بالأساس مسعرة بالدولار، وبالتالي فإن ارتفاع أسعار المواد الطاقية يؤدي مباشرة إلى زيادة الطلب على الدولار، ونتيجة إلى كل ذلك أصبح الدولار ملاذا آمنا في السوق العالمية مما يجعل الطلب يتزايد عليه.
من جهة أخرى، يعود تراجع اليورو إلى ضعف النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو وأيضا تراجع نسبة النمو في أوروبا، وبالأخص نسبة المؤشرات السلبية الأخيرة التي ظهرت في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية الكبرى.
كما أن العقوبات الاقتصادية على روسيا، تسببت بشكل مباشر في حدوث انكماش وانتكاسة في الاقتصاد الأوروبي، والبداية كانت مع الأزمة الاقتصادية التي عرفتها ألمانية، وأكيد أنه من الطبيعي أنها أثرت بشكل مباشر على العملة الأوروبية.
كذلك فإن ارتفاع أسعار الطاقة وأزمة إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا ( مع العلم أن روسيا هي المزود الرئيسي لأوروبا بالبترول ) ، جعلت الظرفية الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية أفضل بكثير منها في أوروبا، لأن أمريكا هي منتجة للغاز والنفط، وأيضا هي مصدرة لهما وبالتالي فهي لم تتضرر كثيرا من أزمة الطاقة.
أما عن تداعيات الأزمة ونظرا لأن مصائب قوم عند قوم فوائد٫ فالمستفيدين من أزمة اليورو هم كثر٫ ومنهم الخصوص السياح الأجانب حيث آنهم سوف يستفيدون من فرق تحويل عملة الدولار .
التنبيهات/التعقيبات