الأسباب الرئيسية للارتفاع غير المسبوق لأسعار النفط في العالم
يشهد العالم في الفترة الحالية ارتفاعا غير مسبوق في أسعار البترول، مما أثر بشكل مباشر على أسعار المحروقات، وبالتالي تأثيره السلبي طال العديد من الأنشطة الحيوية المرتبطة به، ومع اختلال العلاقة بين العرض والطلب، ترتفع المطالب بضرورة زيادة إنتاج النفط كحل عملي للحد من هذا الارتفاع الكبير في سعر البرميل، غير أن الأحداث الحالية تظهر بأن ارتفاع أسعار البترول في العالم مرتبط بعوامل جيوسياسية خارجة عن سيطرة البلدان المنتجة للنفط .
وعلى العموم تبقى هذه هي أهم أسباب ارتفاع سعر البترول في العالم، بحسب ما تشهده الفترة الحالية :
- ـ ارتفاع الطلب على النفط بعد جائحة كورونا
فمع عودة الحياة إلى سابق عهدها، بعد شبه ركود بسبب جائحة كورونا، سجلت الأسواق العالمية تزايدا كبيرا على طلب النفط (لكن ليس بحجم قوة الطلب قبل الجائحة)، خاصة مع عودة أغلب الموظفين والمستخدمين الذين عملوا طيلة أشهر من منازلهم إلى مقرات عملهم، وعليه فقد سجل الاقتصاد الأمريكي ارتفاعا قياسيا في الوظائف خلال العام 2021، حيث أن عودة هؤلاء للعمل تعني عودتهم لاستعمال وسائل المواصلات سواء الخاصة أو العامة، وبالتالي ارتفاع الطلب على الوقود والبنزين .
- ـ انتهاء عمليات الإغلاق في الصين
ارتفاع حالات الإصابة المهول بفيروس كورونا، كان أهم العوامل التي جعلت أسعار النفط تبقى إلى حد ما تحت السيطرة، حيث أن قواعد الإغلاق الصارمة التي اتخذتها السلطات الصينية في كافة أنحاء البلاد، كانت سببا مباشرا في جعل الطلب على النفط ينخفض إلى مستويات غير مسبوقة، غير أنه ومع بدء تراجع وثيرة انتشار فيروس كورونا، تم رفع قيود الإغلاق في البلاد تدريجيا، وبالتالي الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها، وهو الشيء الذي أثر مباشرة على عمليات الطلب، فقد ارتفع الطلب على المحروقات فجأة، لكن دون أن يرتفع العرض وبالتالي ارتفعت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
- -ـ تراجع عمليات إنتاج النفط
الأزمة بدأت مع بداية العام 2020، حيث كانت جائحة كورونا في أوجها، وبسبب ذلك فقد تم تداول النفط الخام بأسعار سلبية، مما حدى بمنظمة أوبك وحلفائها والتي من بينهم روسيا، على خفض الإنتاج بهدف دعم الأسعار، وقد استمر الإنتاج منخفضا حتى بعد عودة الطلب إلى الارتفاع مجددا، بسبب أن شركات النفط الأمريكية كانت متخوفة من استئناف إنتاج النفط بالمستويات العادية التي كانت عليها في فترة ما قبل وباء كورونا، إذ أن المخاوف من أن القواعد البيئية الصارمة جدا قد تضطرها مرة أخرى لخفض الطلب، وعليه فقد تناقصت مخزونات النفط في السوق العالمية خلال العامين التاليين لبداية وباء كورونا، وللتغطية على خساراتها فقد فضلت الشركات الزيادة في سعر البرميل على الزيادة في الإنتاج.
الأزمة لم تتوقف هنا، بل إنه بسبب القواعد البيئية الصارمة، فإن طاقة التكرير الأمريكية تتجه نحو الانخفاض، بسبب أن القواعد البيئية الفيدرالية فرضت على عدد من مصافي التكرير ضرورة التحول من تكرير النفط إلى الوقود المتجدد منخفض الكربون، وعليه فإن عددا من الشركات بدأت بإغلاق المصافي القديمة.
-
ـ الغزو الروسي لأوكرانيا
الحرب الروسية الأوكرانية، زادت الطينة بلة، بل يمكن اعتبارها أهم سبب لهذا الارتفاع غير المسبوق في سعر البترول، فروسيا هي واحدة من أهم مصدري النفط في العالم، بل إنها تعتبر المزود الرئيسي للسوق الأوربية، وبسبب الحرب على أوكرانيا، فقد أعلنت الولايات المتحدة في مارس 2022 فرض حظر رسمي على جميع الواردات الطاقية الروسية، مباشرة بعد القرار الأمريكي أعلن الاتحاد الأوروبي بدوره حظر استيراد النفط الروسي عن طريق البحر، وبما أن روسيا هي المزود الرئيسي لأوروبا من النفط فإن هذا الأمر أدى بشكل مباشر إلى شح المخزون الطاقي في السوق الأوربية وفي أسواق أخرى وبالتالي تعطيل السوق العالمية.
التنبيهات/التعقيبات